زعمت هيئة التحرير في صحيفة واشنطن بوست أن إحلال سلام دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين يتطلّب قيادة أميركية فاعلة. شهد يوم الإثنين فرحةً واسعة في إسرائيل بعد الإفراج عن عشرين أسيراً عبروا من غزة إلى فلسطين المحتلة، في حين استقبلت الضفة الغربية حافلة من الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم وسط هتافات المحتفلين. أما الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي رعى اتفاق وقف إطلاق النار، فظهر أمام الكنيست في القدس متباهياً بإنجازه ومعلناً أن “الشمس تشرق على أرضٍ مقدسةٍ تنعم أخيراً بالسلام”.

وصفت الصحيفة هذا الاتفاق بأنه أكثر من هدنة مؤقتة، بل “فجر تاريخيّ لشرق أوسط جديد”، معتبرةً أن واشنطن حققت نجاحاً دبلوماسياً نادراً في منطقة طالما عانت إخفاقات أميركية متكررة. لكنها حذّرت في الوقت نفسه من أن الطريق نحو سلامٍ دائم لا يزال طويلاً، وأن نجاح هذه المرحلة يعتمد على استمرار انخراط ترامب شخصياً ودور الولايات المتحدة كضامن رئيسي للاتفاق.

تشكّلت “هيئة السلام” الجديدة برئاسة ترامب وعضوية رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير للإشراف على إعادة إعمار غزة وتأسيس حكومة جديدة هناك. نُشر نحو مئتي جندي أميركي في قاعدة جوية بجنوب إسرائيل، بمساندة قوات من مصر وقطر وتركيا والإمارات. ورغم تطمينات الإدارة الأميركية بعدم وجود “أقدام على الأرض” داخل غزة، ترى الصحيفة أن المخاطر قائمة، مذكّرةً بانفجار بيروت عام 1983 الذي أودى بحياة 241 جندياً أميركياً بعد إرسال قوات مراقبة مماثلة.

تساءلت الصحيفة أيضاً عن مصير حركة حماس، إذ ما زال نزع سلاحها وضمان عدم عودتها للحكم تحديين مفتوحين. وأشارت إلى أن ضغوط مصر وقطر وتركيا أجبرت الحركة على القبول بالاتفاق بعد تهديدها بقطع خطوط دعمها الأخيرة. ومع ذلك، لا تستبعد واشنطن بوست احتمال تنفيذ عناصر متشددة من الحركة هجمات انتحارية ضد الإسرائيليين أو القوات الأجنبية.

في الداخل الإسرائيلي، يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضغوطاً متزايدة لإجراء انتخابات خلال عام، ما يهدّد تماسك ائتلافه الهش بعد انتهاء الحرب. وفي خطابه أمام الكنيست، مازح ترامب قائلاً إن نتنياهو “ليس شخصاً سهلاً”، لكنه “رائع في عمله”.

وركّزت الصحيفة على الكلفة المروّعة للحرب: نحو 1200 إسرائيلي قُتلوا في الهجوم المفاجئ، إضافةً إلى قرابة ألف جندي خلال المعارك، فيما تشير بيانات وزارة الصحة في غزة إلى أكثر من 67 ألف قتيل فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال. وترى هيئة التحرير أن فكرة “حلّ الدولتين” باتت أبعد من أي وقت مضى، وأن الواقعية السياسية تفرض توسيع اتفاقيات أبراهام التي رعاها ترامب عام 2020، والتي طبّعت علاقات إسرائيل بعدة دول عربية. وتضيف أن أحد دوافع هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023 كان منع انضمام السعودية إلى هذه الاتفاقات، وهو ما يعتبره ترامب “الخطوة الأخيرة نحو شرق أوسط مستقر”.

تختتم واشنطن بوست بقولها إن الأولوية الآن هي تدفّق المساعدات الإنسانية إلى غزة وبناء إدارة فلسطينية فاعلة، وهي مهمة ستستغرق سنوات وربما عقوداً. لكن في هذا “اليوم التالي للحرب”، ترى الصحيفة أن العرب والإسرائيليين والأميركيين يملكون سبباً نادراً للاحتفال بخطوة أولى نحو واقعٍ جديد.
 

https://www.washingtonpost.com/opinions/2025/10/13/gaza-israel-trump-netanyahu-hamas-ceasefire/